في رمق الهواء /للشاعر*حسين الأصهب*

*في رمق الهوى*

كالبردِ أكتبُني خالٍ مِنَ الدِّفئِ

وكابتسامَةِ مذبوحٍ بِلا هزْأِ 

كالذِّكرياتِ الَّتي لا حِسَّ يسكُنُها

ثكلى، وكالسَّيفِ دُونَ الغِمدِ، كالرِّزْءِ

كأمنياتِ المنافِ وهيَ في ضَنَكٍ

مدسوسةٍ في جيوبِ النَّازحِ المنأي

كدُميةٍ ، ويدانِ الطِّفلِ تلهو بها

من دُونِ هوْنٍ ، تذوقُ المُوتَ بالبُطءِ

كالقيءِ مِن مِعدَتي الأوقاتَ أُخرِجُها

فالعيشُ في بلوتي كالمأكلِ النَّيءِ

ما عادَ في العُمرِ ريحانٌ لِأنشَقَهُ

ولمْ يَعُدْ فِيهِ وجهٌ باسِمٌ مرئي

إمَّا وجدتُّ المُنى ساءتْ كأُمنيةِ "الشَّعبِ

اليمانيِّ" في التَّوحيدِ والدَّرْأِ

أنَّى اتَّجهتُ  فأوجاعي  مُفرَّقَةٌ

بينَ الحنايا وفي الأضلاعِ ، في جُزءِي

تنداحُ في فكرتي "مليونُ" أُحجِيَةٍ

إذا رمى معضلاتيَ مِعصَمُ النَّوءِ

غابَ الهوى تاركًا ذِكراهُ في رئتي

تُعِلِّلُ الرُّوحَ والأعضا عنِ النَّشأِ

فرَّدتُني علَّني ألقى لَهُ أثرًا

بدونِ جدوى سِوى الأوجاعِ في مِلءِي

غابتْ نجومُ الهوى عنِّي فخلَّفني

ذاكَ الغيابُ ، كليلَ الهديِ والوطىءِ

أسيرُ من غيرِ بُرهانٍ يُبَلِّغُني

دربَ السَّلامِ ، بِوادٍ غيرِ ذِي ضوءِ

ما أوحشَ اللَّيلُ والأنوارُ غائِبةٌ

عنهُ، ولمْ يبقَ للأنوارِ مِن شيءِ

بُؤسُ الأراجيحِ بي ، والحيِّ إذْ برحوا

أهلُ الدِّيارِ بِلا عهدٍ  ولا جَيءِ

أُسائِلُ الحظَّ والأنّاتُ تعصرني:

أما لهذا الهوى المنأيِّ مِن فَيءِ ؟

أما لدمعاتيَ الحرَّاءِ مِن أملٍ ؟

بأنْ تَجِفَّ ، بأنْ تنهى عَنِ السَّوءِ

فبي ذهولُ الحيارى مُنذُ غادرني

بِلا وداعٍ ، سِوى الأوهامِ والعِبءِ

هذا النَّوى يا أنا وافتكَ لعنتُهُ

إذْ بالهوى قدْ مضى في حالةِ النَّسأِ

كيفَ السَّبيلُ إليهِ؟ كيفَ أُرجِعُهُ ؟

إليَّ ، أو كيفَ أحضى لحظةَ البدءِ ؟

عساني إلَّمْ أشَ والقلبُ نسلكهُ

نعودُ بي حافِلاً خصبًا ، بِلا نكأِ

فالقلبُ والرُّوحُ  آبارٌ  مُعطَّلَةٌ 

وبُنيتي لمْ تزلْ في حالةِ الظَّمءْ

ويحَ الهوى لو نسى قلبًا ترعرعَهُ

فما لَهُ دُونَ قلبي الصَّبِّ مِن كُفءِ

*حسين الأصهب*

إرسال تعليق

0 تعليقات