مستغرقا في الوجد/للشاعرباسم احمد قبيطر

مُسْتَغْرِقًا فِي الْوَجْد

تِهْ يَاٰ رَبِيعُ عَلَى الشُّهُورِ مُغَرِّدَاٰ
فَقَدِ اصْطُفِيتَ لِكَيْ تَكُونَ الْأَمْجَدَاٰ

اللهُ خَصَّكَ بِالْكَرَاٰمَةِ عِنْدَمَاٰ
أَوْلَاٰكَ فَضْلًا أَنْ تَكُونَ مُخَلَّدَاٰ

بِوِلَاٰدَةٍ لَيْسَتْ كَكُلِّ وِلَاٰدَةٍ
فِيهَاٰ تَقَرَّرَ لِلشَّفَاٰعَةِ سَيِّدَاٰ

ضَاٰءَتْ بِكَ الدُّنْيَاٰ وَأَشْرَقَ نُورُهَاٰ
وَجَلَتْ بَشَاٰئِرُكَ الْوَلِيدَ الْمُسْعِدَاٰ

وَتَحَقَّقَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ بِمَوْلِدٍ
هَزَّ الْقَيَاٰصِرَةَ الْعِظَاٰمَ وَهَدَّدَاٰ

وَسَلُوا الْأَكَاٰسِرَةَ الْمَجُوسَ عَنِ الَّذِي
نِيرَاٰنَهُمْ آٰنَ الْوِلَاٰدَةِ أَخْمَدَاٰ

للهِ دَرُّكَ يَاٰ رَبِيعًا أَوَّلًا
بِالْجَاٰهِ فَوْقَ الدَّهْرِ جِئْتَ مُقَلَّدَاٰ

مَنْ ذَاٰ يُضَاٰهِي حُسْنَكَ الطَّاٰغِي بَهَاٰ-
ءً نَاٰدِرًا فَاٰقَ الْبَهِيَّ الْأَغْيَدَاٰ

مَاٰ زِلْتَ عُنْوَاٰنَ الْأَصَاٰلَةِ لِلْوَرَىٰ
وَأَتَيْتَ بِالْخَيْرِ الْعَمِيمِ مُنَضَّدَاٰ

تَزْدَاٰدُ مَا امْتَدَّ الزَّمَاٰنُ نَضَاٰرَةً
تَزْهُو بِأَنْوَاٰرِ النَّبِيِّ مُعَيِّدَاٰ

تَدْرِي الشُّهُورُ، بَلَىٰ، وَتُدْرِكُ أَنَّمَاٰ
تُوِّجْتَ سُلْطَاٰنًا عَلَيْهَاٰ مُفْرَدَاٰ

تَرْنُو إِلَيْكَ كَرَاٰمَةً وَمَحَبَّةً
وَتَمِيلُ مِنْ فَيْضِ الْحَنَانِٰ تَوَجُّدَاٰ

تَهْفُو إِلَىٰ حُجْرٍ دَفِيءٍ آٰمِنٍ
أَوَمَاٰ رَأَتْ فِيكَ الزَّمَاٰنَ تَوَسَّدَاٰ

حِضْنَ الْيَقِينِ بِظِلِّ مَوْلِدِ مُرْسَلٍ
مَاٰ زَاٰلَ مُذْ خُلِقَ الزَّمَاٰنُ مُحَمَّدَاٰ

وَيَظَلُّ مَاٰ ظَلَّ الزَّمَاٰنُ وَبَعْدَهُ
رُوحَ الْهِدَاٰيَةِ، خَيْرَ مَبْعُوثٍ هَدَىٰ

للهِ فِي صِدْقٍ تَوَاٰتَرَ ذِكْرُهُ
بِصَحِيحِ مَاٰ يُرْوَىٰ حَدِيثًا مُسْنَدَاٰ

وَكَلَاٰمُهُ وَسُكُوتُهُ فَكِلَاٰهُمَاٰ
هَدْيَاٰنِ فِي الْكُتُبِ الصِّحَاٰحِ تَأَكَّدَاٰ

وَتَوَثَّقَاٰ مَتْنًا تَرَاٰدَفَ نَقْلُهُ
بِتَسَلْسُلِ السَّنَدِ الصَّحِيحِ مُؤَيَّدَاٰ

فَإِذَاٰ تَكَلَّمَ كَاٰنَ هَدْيًا مُرْشِدًا
وَكَذَاٰكَ إِنْ يَصْمُتْ دَلِيلًا مُرْشِدَاٰ

قَلْبِي يُحَدِّثُنِي وَيَحْكِي شَوْقَهُ
مُغْرَوْرِقًا بِالدَّمْعِ يُرْسِلُهُ نَدَىٰ

وَجْدًا بِذَيَّاٰكَ الْحَبِيبِ لَعَلَّهُ
فِي لَيْلَةٍ يُمْنَىٰ بِرُؤْيَةِ أَحْمَدَاٰ

اللهَ يَاٰ لَيْلَ الْمَوَاٰجِعِ هَلْ إِلَىٰ
مَاٰ يَرْتَجِي شَوْقٌ أَبَىٰ أَنْ يَبْرُدَاٰ

مِنْ يَوْمِ مَاٰ بَاٰنَتْ سُعَاٰدُ يَهُزُّنِي
خَوْفُ الْفِرَاٰقِ وَيَسْتَبِدُّ بِيَ الْحُدَاٰ

وَالظَّعْنُ يَحْمِلُنِي وَيَرْحَلُ بِيْ عَلَىٰ
آٰثَاٰرِهَاٰ وَالْقَلْبُ يَحْدُو مُكْمَدَاٰ

مُسْتَغْرِقًا فِي الْوَجْدِ يَنْبِضُ فِي جَوًى
يَطْوِي الْمَفَاٰوِزَ هَاٰئِمًا مُتَوْجِّدَاٰ

جَاٰبَ الْفَيَاٰفِي شَوَّقَتْهُ رِمَاٰلُهَاٰ
مِنْ هَاٰ هُنَاٰ مِنْ خَلْفِ هَاٰتِيكَ الْعُدَىٰ

مَرَّ الْحَبِيبُ مُهَاٰجِرًا وَخَلِيلُهُ
وَالدَّرْبُ كُرْمَىٰ لِلْحَبِيبِ تَجَنَّدَاٰ

عَيْنًا لِتَحْرُسَهُ وَتَفْقَأَ أَعْيُنًا
مِنْ بُغْضِهَاٰ شَحَذَتْ نُفُوسًا كَالْمِدَىٰ

ذَرَّتْ عَلَيْهَاٰ حَثْوَةً مِنْ رَمْلِهَاٰ
مَلَأَتْ بَصَاٰئِرَهَاٰ رَمَاٰدًا أَرْمَدَاٰ

وَتَصُونَهُ فِي هِجْرَةٍ مَيْمُونَةٍ
رَسَمَتْ لَنَاٰ فِي خَطْوِ أَحْمَدَ مَعْقِدَاٰ

لِلْحَقِّ مُذْ نَقَشَتْ لَنَاٰ سُبُلَ الْعُلَاٰ
قَدَمَاٰ مُحَمَّدِنَاٰ وَشَاٰدَتْ مَعْهَدَاٰ

يَدْعُو إِلَى الْحُبِّ الْعَظِيمِ بِدِينِهِ
بِسَمَاٰحَةٍ تَسْبِي الْحَقُودَ الْأَحْقَدَاٰ

يَدْعُو إِلَى الدِّينِ الْعَظِيمِ مُذَلِّلًا
وَمُيَسِّرًا لِلْعَاٰلَمِينَ الْأَعْقَدَاٰ

هٰذَاٰ سُرَاٰقَةُ بَاٰتَ يَرْجُوهُ السَّلَاٰ-
مَةَ مُسْتَغِيثًا بَعْدَمَاٰ عَزَّ الْفِدَاٰ

غَاٰصَتْ بِهِ الْفَرَسُ الْجَمُوحُ وأُغْرِقَتْ
لِلرُّكْبَتَيْنِ وَمَاٰ سِوَاٰكَ لِيُنْجِدَاٰ

سَاٰخَتْ يَدَاٰهَاٰ فِي الرِّمَاٰلِ وَأَوْشَكَتْ  
لَوْلَاٰ أَمَاٰنُكَ أَنْ يَبُوءَ بِهَا الرَّدَىٰ

مَاٰ كُلُّ هٰذَا الْحُبِّ يَاٰ خَيْرَ الْوَرَىٰ
سُبْحَاٰنَ رَبِّكَ لَمْ تَزَلْ مُتَوَدِّدَاٰ

أَبشِرْ سُرَاٰقَةُ وَاسْتَعِدَّ لِمَغْنَمٍ
بِسِوَاٰرِ كِسْرَىٰ وَارْتَقِبْ ذَا الْمَوْعِدَاٰ

إِذْ يَمْكُرُونَ بِهِ فَيَمْكُرُ رَبُّهُ
وَاللهُ خَيُرُ الْمَاٰكِرِينَ بِمَنْ عَدَاٰ

وَاللهُ جَلَّ اللهُ خَيْرٌ حَاٰفِظًا
لِنَبِيِّهِ مِمَّنْ عَصَىٰ وَتَمَرَّدَاٰ

سَلْ غَاٰرَ ثَوْرٍ كَيْ تُحِيطَ بَمَنْ غَدَوْا
أَسْرَى اشْتِبَاٰهٍ بِالذُّهُولِ تَسَوَّدَاٰ

كَيْفَ اخْتَفَتْ خُطُوَاٰتُهُ فِي لَحْظَةٍ
أَنَّى امّْحَتْ، مَاٰذَاٰ عَدَاٰ مِمَّاٰ بَدَاٰ

بَاٰضَ الْحَمَاٰمُ وَلَمْ يَزَلْ مُسْتَرْسِلًا
فِي سَجْعِهِ بِالشَّدْوِ يَصْدَحُ مُنشِدَاٰ

وَهُنَاٰكَ شَيَّدَ عُشَّهُ وَالْعَنْكَبُو
تُ خُيُوطَهَاٰ مَدَّتْ حِجَاٰبًا مُوصَدَاٰ

خَاٰبَتْ مَسَاٰعِي الْمُشْرِكِينَ وَأُجْهِضَتْ
بِنَسِيجِ خَيْطٍ لِلْبُغَاٰةِ تَصَيَّدَاٰ

حِيكَ الشِّبَاٰكُ بِقَوْلِ كُنْ فَإِذَاٰ بِهِ
فِي الْحَاٰلِ قَدْ فَاٰقَ الدِّلَاٰصَ مُسَرَّدَاٰ

وَقَفُوا بِبِاٰب الْغَاٰرِ قَاٰبَ تَلَاٰصُقٍ
يَدْنُونَ لٰكِنْ لَاٰ يَرَوْنَ مُحَمَّدَاٰ

وَمُحَمَّدٌ يَدْعُو بِقَلْبٍ مُوقِنٍ
وَالثَّاٰنِيَ اثْنَيْنِ اسْتَفَاٰضَ مُوَحِّدَاٰ

فَهُمُ عَلَىٰ ذَاٰكَ التَّدَاٰنِي مِنْهُمَاٰ
لَاٰ لَمْ يَكُونُوا ذَاٰتَ يَوْمٍ أَبْعَدَاٰ

مَاٰذَاٰ أُبِِينُ وَجَاٰهُ أَحْمَدَ بَيِّنٌ
وَلَقَدْ أَبَنْتُ مِنَ الْمَشَاٰهِدِ مَشْهَدَاٰ

اللهُ عَاٰصِمُهُ فَمَنْ ذَاٰ قَاٰدِرٌ
مَهْمَاٰ طَغَىٰ جَوْرًا وَمَهْمَاٰ أَرْعَدَاٰ

أَنْ يُؤْذِيَ الْمُخْتَاٰرَ حِينَ لِأَجْلِهِ
لَاٰ ضُرَّ إِلَّاٰ قَدْ كَبَاٰ مُتَصَفِّدَاٰ

وَغَدَاٰ بِإِذْنِ اللهِ سَهْلًا لَيِّنًا
لَمَّاٰ رَأَىٰ بَأْسَ الْإِلٰهِ تَشَهَّدَاٰ

وَالْكُلُّ آٰتِي اللهِ عَبْدًا طَيِّعًا
يَتَنَاٰفَسُونَ لِكَيْ يَكُونُوا أَعْبُدَاٰ

فَتَرَىٰ مُلُوكَ الْأَرْضِ هَلْكَىٰ دُونَهُ
وَتَخِرُّ مِنْ ذُلٍّ صِغَاٰرًا سُجَّدَاٰ

يَاٰ أَيُّهَاٰ الْمَبْعُوثُ فِينَاٰ رَحْمَةً
يَهْوَاٰكَ كُلٌّ مِنْ صِحَاٰبٍ أَوْ عِدَىٰ

مَنْ أَنْكَرُوكَ فَقَدْ أَطَاٰعُوا كِبْرَهُمْ
فَهَوَىٰ بِهِمْ خُلُقًا فَكَاٰنُوا الْأَفْسَدَاٰ

وَإِذَاٰ سَأَلْتَ النَّبْضَ فِي وِجْدَاٰنِهِمْ
لَتَرَاٰهُ مِنْ وَلَهٍ أَتَاٰكَ مُعَضِّدَاٰ

سُبْحَاٰنَ مَنْ أَحْصَى الْغُيُوبَ بِعِلْمِهِ 
سِيَّاٰنَ مَاٰضِينَاٰ وَآٰتِينَاٰ غَدَاٰ

وَإِلَيْهِ مَرْجِعُنَاٰ فَنُجْزَىٰ عِنْدَهُ
كُلٌّ عَلَىٰ مَاٰ فِي الْحَيَاٰةِ تَعَوَّدَاٰ

وَلَقَدْ سَأَلْتُكَ يَاٰ إِلٰهِي مِنَّةً
أَنْ أَسْتَزِيدَ هِدَاٰيَةً وَتَعَبُّدَاٰ

فَامْنُنْ عَلَيَّ وَزِدْ فُؤَاٰدِي لَهْفَةً
لِحَبِيبِ قَلْبِي وَاسْتَزِدْهُ تَقَيُّدَاٰ

بِهَوَىٰ حَبِيبٍ لَاٰ مَثِيلَ لِمِثْلِهِ
مَنْ بِالْغَوَاٰلِي وَالنَّفَاٰئِسِ يُفْتَدَىٰ

إِنِّي أَهِيمُ بِحُبِّ أَحْمَدَ سَيِّدِي
فَاكْتُبْ عَلَيَّ الْحُبَّ حُبًّا سَرْمَدَاٰ

حُبُّ الرَّسُولِ عِبَاٰدَةٌ وَعَقِيدَةٌ
وَرَجَوْتُ لَوْ أَنِّي أَكُونُ الْأَعْبَدَاٰ

قَلْبِي سُنُوْنُوَةٌ تُهَاٰجِرُ إِثْرَهُ
كُلَّ الْفُصُولِ عَسَىٰ تَرَاٰهُ لِتَسْعَدَاٰ

وَأَنَا اقْتَرَفْتُ هَوَاٰهُ أَشْهَدُ أَنَّنِي
أَحْبَبْتُ طٰهٰ عَاٰمِدًا مُتَعَمِّدَاٰ

رَبَّاٰهُ صَلِّ عَلَى الْحَبِيبِ وَآٰلِهِ
وَمَنِ اجْتَبَيْتَ وَمَنْ بِدَعْوَاٰهُ اقْتَدَىٰ

وَارْزُقْ شَفَاٰعَتَهُ لِعَبْدٍ مُذْنِبٍ
مِنْ فَرْطِ مَاٰ يَصْلَى الذُّنُوبَ تَقَدَّدَاٰ

يَبْدُو كَمَنْ سُلِبَ الْخِطَاٰبَ مُثَأْثِئًا
فِي قَوْلِهِ كَمَثِيلِ أَشْيَبَ أَدْرَدَاٰ    

وَأَتَاٰكَ مِنْ تِيهِ الْمَذَلَّةِ تَاٰئِبًا
حَاٰشَاٰكَ تَخْذُلُهُ وَتُرْجِعُهُ سُدَىٰ

هَلْ لِيْ بِرَمْلٍ دَاٰسَهُ بِنِعَاٰلِهِ
كَيْمَاٰ أَخِيطَ لِيَوْمِ لَحْدِي مِسْنَدَاٰ

وَيَكُونَ مُتَكَّأً لِمَيْتٍ يَرْتَجِي
أَثَرَ الْحَبِيبِ إِلَى الْجَنَاٰئِنِ مَصْعَدَاٰ

وَإِخَاٰلُنِي فِي اللَّحْدِ فَرْطَ تَشَوُّقِي
سَأُعَاٰنِقُ الْأَثَرَ الشَّرِيفَ مُزَغْرِدَاٰ

إِنِّي تَعَشَّقَنِي الرُّقَاٰدُ فَهَلْ إِلِىٰ
ذَاٰكَ التُّرَاٰبِ لِكَيْ أَطِيبَ وَأَرْقُدَاٰ


باسم أحمد قبيطر - إسبانيا🌴

إرسال تعليق

0 تعليقات