عرس الشهيد /للشاعر باسم احم قبيطر

عرسُ الشهيد

اليوم زغردتِ الصبايا فانتشى
منها الوجود
وترددتْ ملءَ الثريّا والثرى
أهزوجةُ الشرفِ المجيد
وتمخطرَ النصرُ التليد
يا ما أحيلاها تغرّدُ في حشاشاتِ الورى
وتهزُّ أسماع الدّنى
نشوانةً بنشيدِها
فتعيدُهُ وتعيدُهُ
صدّاحةً
ليستْ تكلُّ ولا تلينْ
هامتْ بهِ
تكسوهُ لحنَ كرامةٍ
عنوانُه الفتحُ الأكيد
وترتلُّ الخبرَ السعيد
وتزفّ للعلياءِ ميثاقَ الخلود
في موكبِ الأملاكِ تعرجُ كلُّ آياتِ الصمود
فتقلّد الكونُ اعتزازًا حلّةً حُبكَتْ بخيطانِ الشهامةِ والندى
خيطَتْ بشريانٍ يعضِّدُ نزفَهُ شهدُ الوريد
يا أيها المبعوثُ فينا عزةً
وأتيتَ بالأمرِ الرشيد
اليومَ عيد 
اليومَ يومُك يا إمام الطاهرين
اليومَ عيدُك فابتسم
واهزأ من الخوفِ الهلوع 
اليوم عرسُك يا شهيد
بشراكَ جناتُ النعيم
بشراك تحيا خالدًا في ظلِّ رحمنٍ رحيم
أقسمتُ يغبطُكَ الملائكُ أجمعون
أقسمتُ يغبطُكَ الخلائقُ أجمعون
يا سيدَ الأحرارِ في زمنٍ يدنّسُه العبيد
تاللهِ صرتَ هُويّةً لزمانِنا
ما زلتُ أذكرُ كيف أنسى يومَ أعلنتَ الولادةَ في انتفاضةِ أمةٍ
غالتْ كثيرًا في الرقود
واستمرأتْ طول الكرى
غرقتْ بأحلامِ الهجود
غالتْ كثيرًا في القعود
وتوسّلتْ للنصرِ أوهامَ الوعود
فأتيْتنا
وحضنتَنا
وكسَوْتنا حللَ المروءةِ من نسيجِ الكبرياءِ وخُضتَ دربَ الصاعدين إلى العلا
ومضَيْتَ تنفحُنا هدى
وصرختَ فينا لن نهونْ
وعن الشهادةِ لن نحيد
أذّنتَ في سمع المدى
هي دربُنا
قسَمًا لَنحفظُ عهدَنا لولا نَبيد
قوموا خفافًا أو ثقالًا وانفروا
بخطًى يفتُّ دبيبُها صلدَ الصخورِ، يهابُ وطأتَها الكُدا
آنَ المعاد
نادى المنادي للجدا
لا ليس يُجدينا الحُدا
لبّيْكَ يا داعِيْ الجهاد
وعروقُنا نبضُ العزيمةِ في السُّرى
ونزيفُنا في الليل هاد
ضوءٌ ونبراسٌ وزاد
فلْتمسحوا عن جفنِكم رمَدَ السهاد
ولْتخلعوا وهمَ السُّدى
ولْتنفُضوا عن جمرِكم طبعَ الخمود
حتى تقومَ النارُ من قبرِ الرماد
وتهبَّ بركانًا ويشتعلَ الترابْ
ويثورَ موجُ البذلِ يملؤهُ اصطخابْ
نحن الحقيقةُ والعِدا آلٌ سرابْ
لا تسألوا كيفَ السبيلُ لنصرِنا
دمُنا الجواب
ونزيفُنا المهراقُ فصلٌ للخطاب
نحنُ السنابلُ في البيادرِ والحقول
نحنُ الزّوابعُ في السفوحِ وفي التلول
نحنُ العواصفُ في الوهادِ وفي السهول
نحنُ الأشاوِسُ والأعزّةُ فوق أعرافِ الذرى
وهمُ الأصاغرُ والأذلّةُ تحت أطباقِ الثرى
نحن الأجِلّةُ وطّأتْ جيدَ الهضاب
وهمُ الأقنّةُ، لن نكاتبَ في الرقاب
نحن الأسنّةُ في الوغى
نحن الحراب
ودَنا من الباغي العقاب
لا لا مفرّ منَ العقوبةِ والحساب
والصبحُ أسفرَ وانطوى ليلُ الغيابْ
والنصرُ بشّرَ قد تأذّنَ باقترابْ
آتٍ ولو نعق الغراب
هُو جاهُنا
هُو وعدُنا
ومآلُ شانئِنا الخرابْ
وغدًا يعمُّ النورُ أرجاء البلاد
فاهتزّ جيلٌ إثر جيلٍ فرط إرعادِ الصدى
وتعملقتْ تلك الرعود
أنا للردى أنا للردى
ما طار طيرٌ أو شدا
أنا للردى ولبست أكفان الفدا
صدري تكفّل بالعِدا
ودمي تصدى للمُدى
صدري المجنُّ وليس أتراس الحديد
فدَمي طهور
ودمي ضنينٌ بالعهود
ودمي مواريثُ الجدود
ودمُ الأعادي زائفٌ
قيحٌ صديد
وغدًا بلا ريبٍ نسود
أنذرتُكم
أعذرتُكم
إنّا بُعثنا من جديد
واليوم قد حقّ الوعيد
يا كلّ قِرنٍ للعوادي أو ظهيرٍ أو نديد
يا كلّ شيطانٍ مريد
يا كلّ خناسٍ عنيد
أنا كالرصاصةِ لا أهادنُ غاصبًا
ومتى انطلقتُ فلا أعود


باسم أحمد قبيطر - إسبانيا🌴

إرسال تعليق

0 تعليقات