وحيدًا كحرفِ الرّاءِ... للشاعر بديع الزمان السلطان

وحيدًا كحرفِ الرّاءِ

وحيدًا كحرفِ الرّاءِ في لُغَةِ الحَربِ
غريباً أمرُّ الآنَ .. في آخرِ الدَّربِ

بعيداً عن المعنى كأول موعدٍ
طويلاً كلَيلِ العاشقينَ بلا قُربِ

بطيئاً كوقتِ الإنتظارِ لعاشقٍ
تلوحُ لهُ الرّاياتُ في أوّلِ الرّكْبِ

يتيمًا بلا أمٍّ تشَجّرُ حلمَهُ
بريئاً كما الأحلامِ في رئةِ الشَّعبِ

أقولُ لقلبي : عادةُ الحبِّ هكذا
فلا شيءَ غيرَ الشّوقِ والبُعدِ في الحُبِّ

وفي القلبِ،مافي القلبِ؟آثارُ قُبْلَةٍ
وليلٌ كثيفُ الشَّوقِ في خاطرِ الصَّبِّ

وفي باليَ اسْمٌ واحدٌ وقصيدةٌ
وشاعرُها المصلوبُ ظُلْمًا بلا ذَنْبِ

وذِكرى من الماضي الجميلِ وليلةٌ
دسَسْتُ لكِ الوَردَ المُعَطّرَ في الجَيْبِ

أنا يوسفُ العُشّاقِ ، أوّلُ شاعرٍ
رَماهُ رفاقُ الحَرفِ في غَيْبةِ الجُبِّ

وعادوا إلى هذي البلادِ لوحدهم
بدون قميصٍ لي بدون دَمٍ كذْبِ

فيا ليتّ رؤيايَ القصيدة لم تكنْ
ويا ليتهم أوفوا معي كوَفَا الذّئبِ

تنكّرَ أحبابي وصَحبي وإخوتي
وما عَتَبي إلا على الأهلِ والصَّحبِ

أنا طائرٌ خانتهُ حتى سماؤهُ
وجرحٌ عميقٌ لا يُعَلَّلُ بالطِّبِّ

أطِلُّ مِن المعنى مجَازاً مُجَزَّءاً
وقلباً مُضَاعاً خارجَ الوَعيِ واللُّبِّ

أبيتُ كعصفورٍ تمَزّقَ عُشُّهُ
أغرّدُ وحدي بالهوى خارجَ السِّربِ

لأنكِ يا بنتَ القصيدةِ طفلةٌ
مطهرةٌ جدّاً من الشّكِّ والرَّيْبِ

تقدّينَ باسمِ الحبِّ قلبي قصيدةً
فتنزلُ كالأقدارِ مِن رحِمِ الغَيْبِ

بعَيْنٍ كحدِّ السّيْفِ تبدو بريئةً
ولكنّها اعتادتْ على السَّلْبِ والنَّهْبِ

أُشَرّقُ في منفايَ في كلّ ليلةٍ
فتأتينَ مثلَ الشَّمْسِ لكنْ مِن الغَربِ

تقولينَ : قد شاختْ بكَ الحَربُ يا فتى!
: نعم ، شِخْتُ لكنْ لا تزالينَ في القَلْبِ

لقد قتّلَتْنا الحربُ بالحُزْنِ والأسى
أنقتلُ باسمِ الحبِّ والشّوقِ يا ربّي؟

بديع الزمان السلطان

إرسال تعليق

0 تعليقات