أشعليني... للشاعر بديع الزمان السلطان

أشعليني

أشعليني .. كَإِصبَعٍ مِنْ دُخَانِ !!
وانفخي الشِّعرَ في زوايا المَكانِ

عانقيني لكي أزيدَ احتراقاً
واجمعيني قصائدًا بالبَنانِ

قبّلِيني لكي تسيلَ الأغاني
إنّ نَايِيْ مُعَلَّقٌ في لساني

واطفئيني بقُبْلَةٍ .. أو ثلاثٍ
رُبّما أنطفيْ بسَبْعٍ .. ثَمانِ !

واتركيني على يدَيْكِ رَماداً
وامسحيني بضحكةٍ وحَنانِ

ودعيني وغُربتي في بلادي
فبلادي غريبةٌ مِن زَمانِ

المُحِبُّونَ في بلادي عَرايا
إنّ عُريَ الهَوَى كثيرُ المعاني

المحبّون في بلادي ضحايا
والجُناةُ ، القُضاةُ:سُمْرُ الغَواني

أيُّها الليلُ كيفَ يغفو مُحِبٌّ؟
وهوَ يَصلَى اشتياقَهُ ويُعَاني

كيف يسلو؟ وبين عينيهِ نَهْرٌ
مِن شُجُونٍ تفيضُ مِنْهُ الأغاني

كيف يَنْمو على شَفَا الشّوْقِ غُصْناً
وهوَ يَذْوِي على جدارِ الأماني؟

اللّيالي بطيئةٌ .. كعجوزٍ
باتَ يُحصِي سِنيْنَهُ والثّوَاني

وأنا الآنّ محضُ طفلٍ بريءٍ
يصهلُ الشّوقُ في فمي كالحصانِ

إنَّ لِلْحَربِ يا حبيبةُ رَأْيَاً
غيرَ رأيِ اتّفاقِنا في الكِيانِ

غيرَ رأيِ اللقاءِ قَلْباً لقلبٍ
غيرَ رَأْيِ العِناقِ رأيِ التّداني

غيرَ رأيِ السّلامِ رأيِ التّهادي
غير رأيِ السُّكونِ رأيِ الأمانِ

هذهِ الحربُ أنهكَتْنا طويلاً
ونزَفْنا نفوسَنا والمَباني

كانَ حَتْفي هواكِ أدري .. ولكنْ
هذهِ .. عادةُ المُحِبِّ اليَمَاني

بديع الزمان السلطان

إرسال تعليق

0 تعليقات