ياساقي الشعر.. للشاعر عبدالرحمن الطرجي

ياساقي الشعر
يا ساقيَ الشعرِ وقتُ البَوحِ قد حانا
فاملَأ كؤوسَ الهَوَى وافتح لنا الحانا

واسقِ المُتيّمَ كأسًا من صَبَابَتِهِ
وامزجْ حروفَ الجَوى في كأسِه الآنا

كي أسحرَ السحرَ إن ألقَتْ بنفثَتِها
وأجعلَ السُكْرَ لا ينفَكُّ سكرانا

فكم تَلَوتُ الهَوى شِعرًا أسَطّرُهُ
ولا أزالُ بها صَبًّا ووَلهانا

كأنني قد شربتُ الراحَ من فمِها
وشاربُ الريقِ لا ينفَكُّ نشوانا

ولي فؤادٌ إذا ما فَكَّ من ألَمٍ
عِقالَهُ جاءتِ الآلامُ ألوانا

قد رَقَّ حتى كأنّ الضوءَ ينْفِذُهُ
وَخَفَّ تعزِفُهُ الأوتارُ ألحانا

أزرَىٰ بِيَ الدهرَ فاستقوَتْ عَوَاذلُنا
حتّى المحبّونَ كالعُذّالِ تنهانا

أعاتِبُ القلبَ هل تسلُو بِشَتمِهمُ
وأسألُ الحُبَّ ما قد كانَ أغنانا

عَوَّدتَني فَيْئَةً في وصلِهم زَمَنًا
حتّى تَنَاءَوا فعادَ الفَيءُ نيرانا

شوقًا منَ البُعدِ أضناني و أذهَبَني
وشَفَّ جسمي فصارَ العَظمُ عُريانا

أبلىٰ جديدي وأفناني بِدِيمَتِهِ
كالماءِ ينحتُ في مَجراهُ قِيزَانا

تَنَاوَبَ الحُبُّ والإحساسُ مَهْلَكَتي
مثلَ الجديدينِ يَعتَدّانِ أزمانا

أهوَىٰ عَذَابي بِمن أهوَى وأكتُمُهُ
فلا يرَىٰ منه مَنْ أهواهُ تِبيانا

أقولُ هلّا سكنتَ القلبَ يا وجَعي
كي لا أرَىٰ الحزنَ في عَينَيهِ قد بانا

أقضي حياتي على حِلمٍ يلازمني
والحِلمُ روحٌ لمن قد كانَ إنسانا

فلا أعاتِبُ فَضلًا أن أرُدّ يَدَا
حتّى عتابي لأجلِ الودِّ قد كانا

أمضَيتُ عُمْرًا على صمتي ومَسكنتي
أُجَانِبُ الشَّرَّ لا ضَعفًا وإذعانا

بل عِزّةُ النفسِ تأبَىٰ أن يكونَ لها
صَوْلًا مع الشَّرِّ أو قَولًا له دَانَىٰ

فأبغَضُ الشَّرِّ جرحٌ جاءَ من كَلِمٍ
في نفسِ شَخصٍ يرَىٰ الإنسانَ إنسانا

فَمَا بِهِ شاعرٍ قد شُفَّ خاطِرُه
يُرىٰ به القولُ قبلَ النطقِ أوزانا

ألّا يُحسَّ بِلَفظٍ قبلَ قائلِهِ
نَوَىٰ به القلبُ دونَ النحوِ إلْحانا

فَرُبَّ لفظٍ أتى كالموتِ يقبِرُهُ
وكِلْمَةٌ قد تُعيدُ القَبرَ أحيانا 

فَكُن حكيمًا وكُن قلبًا به مِقَةٌ
واجعلْ ودادَكَ في عَينَيكَ ريّانا

سهلاً به المنعُ لا حِقدًا ولا مَلَقََا
فلا يُقالُ بِهِ لُؤْمٌ ولا هَانا

إلّا الأحبةَ لا تبخلْ بما كَتَمَتْ
طَيّاتُ قلبِكَ ما لو فاضَ بُركانا

من كلِّ قَولٍ بديعٍ كانَ يُطرِبُهُ
تُنسِيهِ عَزْفًا فلا يشتاقُ عِيدانا



عبدالرحمن الطرجي#

إرسال تعليق

0 تعليقات